السنّة في لبنان: عن الإحتقان والكبت

بقلم أسامة حريري  ـ ٥ تشرين الأول ٢٠١٣

Source: Lebanon24.com

Source: Lebanon24.com

يُعرّف الكبت على أنّه حالة نفسيّة تصيب صاحبها جرّاء تراكم عوامل خارجيّة سلبيّة  وجرّاء الشعور بالنّقص وضعف القدرة.  و يؤدّي الكبت في معظم الأحيان الى الإحتقان الذي يؤدّي بدوره إلى الإنفجار وفي بعض الأحيان يؤدّي الى الإحباط فالإكتآب. وحالة الكبت هذه تصيب شريحة كبيرة من المجتمع اللّبناني بشكل عام و الشّارع السنّي بشكل خاص  و ذلك نتيجة عوامل داخليّة بشكل رئيس كما خارجيّة.  و لا يخفى على عاقلٍ اليوم مدى الإحتقان و الشّعور بالغبن الذي وصلت إليه الطّائفة السنيّة في لبنان في ظلّ نظام طائفي قائم على المحاصصة و التّوازنات الدّقيقة 

وهذا الكبت الذي تكلّمنا عنه سابقاً ليس سوى بردّة فعل على فائض القوّة عند حزب الله و من حوله من حواشي ثانويّة.  فهذه القوّة ، المتجسّدة بترسانة سلاحيّة تتخطّى ترسانة الجيش و بتمويل إيراني موازٍ لميزانيّة الدّولة ، هذه القوّة بلغت أوجّها منذ العام المنصرم. وقد تجسّد فائض هذه القوّة “بانتصاراتٍ” خارجيّة  تُرجمت في الدّاخل و “بانتصاراتٍ” داخليّة بحتة

فمنذ معركة القصير وحزب الله يتّبع نفس المنهج في تصوير ” انتصاراته العسكريّة ” على أنّها انتصارات ضدّ أعداء الله و المتآمرين مستعيناً بغطرسةٍ طائفيّة وبروبغندا استفزازيّة . و ما معركة صيدا سوى بتسجيل ” انتصارٍ” آخر على الشّارع السني المحبط و إرهاب السّكان و تحذيرهم من عواقب محاولة تحدّي السيّد المطلق. و ممّا زاد الطّين بلّة أو بالأحرى ممّا زاد الإحتقان سوءاً كان التّعاون المقصود أو الغير مقصود والله أعلم بين حزب الله و الجيش اللبناني المغلوب على أمره

ومنذ أيامٍ قليلة حدث سيناريو مشابه للسيناريوهات الأخرى في الأسباب ولكن مختلف في النّتائج.  فحادثة بعلبك التي راح ضحيّتها خمسة أشخاص منهم ثلاثة عناصر من حزب الله  كان سببها استعلاء الحزب على الأقليّة السنيّة في المدينة من خلال نشره الحواجز وتفتيش المّارّة ضارباً بعرض الحائط كلّ الإعتبارات الإجتماعيّة في مدينة يطغى عليها الطّابع العشائري . غير أنّ نتائج المعركة كانت مختلفة عن المرّات السابقة. فمحاولة الحزب اللّعب بالنّسيج الإجتماعي لمدينة لطالما عُرفت بتنوّعها ( من خلال استقدام عناصر مقاتلة من مناطق أُخرى وتجاهل الإعتبارات العائليّة و العشائريّة ) أجبرته على تدارك مدى خطورة الوضع و “العضّ على الجرح ” لتجنّب انفجار عند أهالي المنطقة من السنّة

تكلّمنا سابقاً عن الكبت الذي يصيب الشّارع السنّي نتيجة أعمال الحزب الخمنيني في لبنان . إلاّ أنّ هذا الكبت يأتي أيضاً من خارج الحدود الوطنيّة . ففي العراق اليوم ، تسيطر الأغلبيّة الشيعيّة على مقاليد الحكم مستعينة بمشورة و نفوذ إيراني خاصّة بوجود رجل كنوري المالكي في السّلطة. أمّا في سوريا ، فلا حاجة لنا لوصف الوضع. فمن سوء حظّ السوريين و لحسن حظّ النّظام الإيراني ( و ليس الإيرانييّن ) أنّ الرّئيس الحالي للولايات المتّحدة هو باراك أوباما الذي أخذ عهداً على نفسه ألّا يضع قدمه في الشّرق الأوسط إلّا إذا شاء القدر ذلك تاركاً الساحة للدبّ الروسي و الجمهوريّة الإسلاميّة. وهكذا لم يبقَ للشّعب السوري من ينجده ممّا يؤدّي مرّة أخرى الى زيادة الإحتقان عند الكثير من السنّة المتحمّسين

والكبت الذي يصيب السنّة قد يؤدّي الى نتيجتين

أوّلاً ، قد يؤدّي الى الإحباط المطلق والإكتآب السياسي و ثانياً الى الإنفجار الكبير

 وبخصوص الإنفجار ، لا حاجة للتّذكير بأنّ الطائفة السنيّة هي الأكثر تعداداً في العالم العربي . أضف الى ذلك ازدياد عدد اللاّجئين السورييّن السنّة في لبنان و احتقانهم نتيجة الممارسات التعسّفيّة لحزب الله و غير حزب الله من العنصرييّن اللبنانيين. كلّ هذه العوامل مجتمعة قد تؤدّي الى قلب الموازين في وجه حزب الله الذي لم يستنتج بعد أنّ ضمانته الوحيدة في المستقبل هي الشّعب اللبناني أجمع

ولكن على الرّغم من كلّ الكبت الذي تكلّمنا عنه سابقاً والذي قد يكون الإنفجار أحد نتائجه ، يبقى الوضع غير أكيد خصوصاً مع المستجدّات التي تطرأ على السّاحة و آخرها التّقارب الأميركي الإيراني أو بالأحرى ” الروحاني ” . وهذه حكايةٌ أخرى تستوجب مقالاً آخر

Advertisement

2 Comments

Filed under Lebanon & Syria, عربي

2 responses to “السنّة في لبنان: عن الإحتقان والكبت

  1. ivan

    رائع اسامة… بانتظار امقالات القادمة

  2. انت يا سيدي مسيحي او ملحد لدى تكلم عن السنة هكذا نحن نعرف لبنان أكثر من سكانها مسيح ويهود وشكرا

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s